القاعدة ستة أذرع وثمانية أصابع، فكانت ناقصة عن قاعدة العام الماضى إثنى عشر إصبعا.
وفيه صعد قضاة القضاة ومشايخ الإسلام ونوابهم لتهنئة السلطان بالعام والشهر، وكنت صحبة النواب، فلم يقع غير الدعاء والسلام.
وفى ليلة هذا اليوم وصل المقر الأشرف الكريم العالى السيفى الأتابكى أزبك من ططخ أمير كبير - عز نصره - من سفره الذى توجّه له، وهو دون النصف شهر.
ووقع فى تهنئة المشايخ السلطان لما دخلوا إليه أن دخل معهم الشريف البغدادى غريم الأمير بردبك الدوادار الثانى الذى نفى بسبب مخاصمته له وملازمته، وهو كثير التردد للأمراء وكثير الهجم على السلطان والمباشرين ويركب فرسا ويعلن فى الأسواق بصوته فيدعو ويذكر ويلحن، وكل من لبس خلعة يتوجه معه إلى داره ليحصل منه الحطام، مع أن السلطان نصره الله يحسن له فى كل وقت بالعطية والجدة وكذلك المباشرون والأمراء وغيرهم، وعلى رأسه شعر مسبول قد رباه حتى طال، فمجرد ما وقع بصر السلطان عليه سأل من الحاضرين من المشايخ - وهم شيخنا شيخ الإسلام الأمينى الأقصرائى الحنفى والشيخ عضد الدين السيرامى والشيخ بدر الدين بن القطان الشافعى، والشيخ صلاح الدين الطرابلسى الحنفى - عن الشعر المسبل وتربيته بعد أن قال له:«هذا دكانك»، فبادر الشيخ صلاح الدين المذكور وقال:«هذا بدعة، هذا حرام» وأقره الحاضرون على ذلك، ففى الحال طلب السلطان جلبيا وحلق رأسه فصار يمتنع ويبكى ويتضرع فما أفاده شئ، وصار بلم الشعر ولم يمكنهم منه، فشاعت الواقعة وامتلأت بها العلماء وأجابوا أن تربية الشعر سنة