وكان أصله كاتبا ثم تقرّب لخدمة المقر المرحوم الزينى عبد الباسط، فلما تولى عبد الرحمن بن الكويز (١) الأستادارية استقر صاحب الترجمة ناظر الديوان المفرد، ثم ولى الأستادارية منه وباشرها مباشرة عظيمة فى الدولة الظاهرية جقمق، وساعدته الليالى والأيام، وعمر المدارس والجوامع كما قدّمنا والبيوت والربوع، واشترى المماليك حتى بلغ عدتهم مائتى مملوك وخمسين مملوكا، وفرّق الخبز والقمح الكثير فى الغلاء على الفقراء فى كل يوم، وعمّر المغاسل والأكفان للأموات فى الفصول، فصاروا يغسّلون ويكفنون ويدفنون من وقفه؛ وعمر بدرب الحجاز الشريف أبيارا على سلالم ينزلون إليها وساق إليها الماء، وهو الذى أنشأ أولاد البقرى وابن جلود وابن غريب وغيرهم، ولقى ما قدم وأمره إلى الله، ونفى إلى مكة المشرفة والمدينة المشرقة مرتين ولم يقدر أن يحج.
وكان أشقر اللون أزرق العينين، له سطوة وإقدام، وإذا غضب لا يطاق، وكان كريما جوادا، له سماط هائل إلى الغاية يجمع فيه بين اللبن والسمك وغير ذلك من المآكل العظيمة، وبلغ الأوج فى دولة الظاهر واتخفض بعده إلى الحضيض وصودر وأهين وضرب وسجن، فأراح واستراح بموته. فالله يعفو عنه بفضله.
[شهر ربيع الآخر]
أهل يوم الأحد لأن ربيع الأول جاء تماما، ويوافقه من شهور القبط عاشر بابه.
فيه صعد قضاة القضاة ومشايخ الإسلام لقلعة الجبل بسبب تهنئة السلطان