للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه كان له ما يكفيه من أملاكه وأطلابه ومرتباته إلى غير ذلك، ثم بعد ذلك ترك هذا الباب أصلا وصار يقرأ عليه فى منزله وغيره، وكان يركب حمارة ويجعل تحته خرجا مملوء خبزا ويتصدق به فى الجبانات وغيرها، وكان كثير التردد لأصحابه والتودد بلفظه وبشاشته وتواضعه حتى ولى قضاء الحنابلة بالديار المصرية مسئولا فى ذلك بعد القاضى برهان الدين البغدادى، واستمر إلى أن مات.

وصنف وحدث واشتهرت تصانيفه وكثرت حتى إنه لم يدع علما من العلوم إلا وصنف فيه، ودرس بالشيخونية والمؤيدية والأشرفية وقبة الصالح والحاكم والبديرية، كل ذلك غير التداريس المضافة له، وحج مرارا منها الحجة التى حج فيها ورفيقه المقر المرحوم الزينى عبد الباسط، وأهدى له فيها عدة أشياء من أصناف المأكولات والمشروب فلم يقبل منها شيئا، وكذلك أرسل إليه الأمير جانبك الجداوى وصولا بقمح له جانب فأخذ الوصول لعلمه أنه لا يرضى إلا بقبوله ولم يرسل بقبضه، فلما كان فى العام الآتى أرسل له نظيره فأخرج للقاضى الوصول السابق وأعلمه بعدم قبول شئ، وكذا أرسل إليه الظاهر خشقدم تقدمات فما قبلها. وهذا السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباى - نصره الله - رسم له بشئ فلم يقبله، وقيل إنه قبله وفرقه على الفقراء، وزار بيت المقدس ودخل الشام فما دونها، وسافر إلى دمياط وغيرها من المحلة والقرى.

وله مآثر جميلة وأوصاف حميدة وسيرة صالحة، فمن مآثره الحسنة الجميلة إنشاؤه سبيلا ومسجدا ببيته المجاور لبيت الأمير تمر حاجب الحجاب، ومدرسة مجاورة لبيته الذى بباب سر الصالحية، وأنشأ أيضا مدرسة بشبرا مجاورة لملك أنشأه بها على شاطئ النيل من ضواحى القاهرة إلى غير ذلك، وفى الواقع

<<  <  ج: ص:  >  >>