وزاوية ومدفنا وغرمت عليها أموالا كثيرة فى الرخام والأحجار والذهب واللازورد والأخشاب والآجر والبناء وأشبه ذلك، وجعلت بها خطبة ومؤذنين وقومة، وأوقفت عليها أوقافا تقوم بالمذكورين وبفقراء الشيخ، وعمرت لهم عدة خلاوى يسكنون بها وهم إلى الآن قاطنون فيها يذكرون الله ويصلون ويدعون لها عقب كل صلاة؛ وكذا لما توجهت إلى القدس الشريف صحبة صهرها المقر الأتابكى أزبك فى دولة الملك الأشرف إينال وضعت فيه من الخيرات مالا مزيد عليها، فرحمها الله.
- يحيى، الأمير سيف الدين ابن المقر الأشرف الكريم العالى السيفى يشبك من سليمان شاه الفقيه المؤيدى الدوادار الكبير وسبط الملك المؤيد شيخ، كان نادرة من نوادر العصر والزمان فى أولاد الأمراء، فارسا شجاعا بطلا مفننا فى كل فن من الفنون من لعب الكرة والرمح والنشاب وسوق الخليل وغير ذلك، وقام سنينا يسوق المحمل مع الباشات، وكان هو الدوادار الكبير فى أيام والده فى دولة الظاهر خشقدم، واستقر فى إمرة عشرة أو طبلخاناة عوضا عن شخص من الأمراء قتل بالبحيرة، وصار له ضخامة وفخامة وعظمة وأبهة ورياسة وشهامة وزهارة فى ملبسه ومنزلته وتجمله [١٨٦ ب]. وكان شكلا حسنا ظريفا لطيفا فصيحا أريبا عاقلا لبيبا، يكتب الخط الحسن، وحظه أحسن، و [أما] هيئته ونضارته وبهاؤه وأصالته فإليها النهى لأن الملك المؤيد شيخ جده لأمه، فإن أمه آسية بنت المؤيد المذكور وصار هو المتكلم فى أوقاف جده بالمؤيدية وغيرها، وصاهر قاضى القضاة محب الدين بن الشحنة الحنفى على ابنته ورزق منها بنتا، وكان الملك الظاهر خشقدم أرسله فى شغل إلى البلاد الشامية فحصل فيه المال الجزيل ورجع ضعيفا فاستمر متعللا بأمراض منها القولنج الصفراوى وداء الأسد، وطالت علته وآخر أمره صرع كم مرة، ومات فى ليلة