للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فنشروا الإسلام في ربوع الأرض، وانتشروا في مشارق الأرض ومغاربها مبلغين لدين ربهم، متخلقين بأخلاقه وسننه.

وبذلوا من أجل نشر الإيمان والهداية في العالم كل ما يملكون، حتى ألقى الإسلام بجرانه في الأرض، وأقبلت القلوب إلى ربها مؤمنة منقادة طائعة.

وهبت رياح الإيمان عاصفة قوية طيبة مباركة في قلوب الناس، وقامت دولة التوحيد والإيمان والأعمال والأخلاق في نفوس البشر، ودخل الناس في دين الله أفواجاً.

وحققت الأمة بذلك مراد ربها منها بالإيمان به وتوحيده وعبادته وحده لا شريك له، والدعوة إليه، وتعليم دينه وشرعه، واستقاموا على ذلك حتى رضي الله عنهم ورضوا عنه كما قال سبحانه: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٠٠)} [التوبة: ١٠٠].

ثم أتى على المسلمين حين من الدهر ضعف فيه إيمانهم، وقل فيه علمهم، ونقصت فيه أعمالهم، فأقبلوا على الدنيا، وزهدوا في الدين، فقصر بعضهم في العبادات، وظلم في المعاملات، وأساء في المعاشرات، وزهد في سنن الدين وآدابه وأخلاقه، وتخلق بأخلاق البهائم والشياطين.

وانصرف بعضهم عن الاستفادة من أحكام الكتاب والسنة إلى أخبار الزهاد التي شغلت مجالس الوعظ والإرشاد، وامتلأت بها الكتب والأوراق.

ثم انحدروا إلى القاع حين أقبل بعضهم على دراسة علوم الدنيا، وعلوم وآداب الأمم الكافرة الأخرى، وهجروا علوم القرآن والسنة، فضلوا عن طريق الحق والهدى، وساروا في دروب الغي والهوى.

ثم جرفهم سيل الشهوات، واستعبدهم حب المال، وشغلهم ذلك عن امتثال أوامر الله، والعمل بشرعه، والدعوة إليه، والجهاد في سبيله.

وسار كثير من المسلمين خلف اليهود والنصارى، يتكلمون بلسانهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>