وحدهم، بل غمر بها المؤمن والكافر، والمطيع والعاصي، والبر والفاجر.
ومن رحمته أنه لا يحرم من يعصيه من نعمه، ولو لم يكن الله رحماناً رحيماً لمنع نعمه عمن عصاه، ولو لم يكن الله عفواً غفوراً لمنع نعمه عمن كفر به، ونعم الله لا تعد ولا تحصى، وخزائنه مملوءة بكل نعمة، وهي لا تنقص ولا تفنى.
والله سبحانه تارةً يعرض نعمه الواسعة على الخلق، ثم يعرض بعد ذلك ما فعل الإنسان بهذه النعم كما قال سبحانه: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (٣٤)} [إبراهيم: ٣٤].
وتارةً يذكر نعمه على الخلق، ثم يذكر عموم مغفرته ورحمته لمن أطاعه وعصاه كما قال سبحانه: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨)} [النحل: ١٨].
ولولا رحمة الله، ولولا عفو الله، ولولا مغفرة الله ما بقيت لنا نعمة.
والله حكيم عليم غني كريم، فقبل أن ينزل الإنسان إلى الأرض خلق الله له النعم، وهيأ له ظروف الحياة، وقسم لكل إنسان رزقه، سواء كان مؤمناً أو كافراً، فالنعمة سبقت المنعم عليه.
فالله خلق الإنسان فوجد الكون مهيأ له من ربه.
الشمس تدفئه وتعطيه الحياة .. والأرض تطعمه وتعطيه الثمر .. والمطر ينزل عليه فيسقيه .. والهواء موجود أينما كان لتنفسه بسهولة .. والنهار مسخر له ليعمل وينتج .. والليل لينام ويستريح.
فكل هذه الأشياء خلقها الله ليجدها الإنسان في الكون في خدمته قد سبقته: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (٢٠)} [لقمان: ٢٠].