وما أصاب الإنسان من الحسنات كالرخاء والخصب، والصحة والسلامة، فمن الله وبفضله ورحمته.
وما أصاب الإنسان من الجهد والبلاء والشدة فهو من الله أيضاً، ولكنه بسبب من نفس الإنسان، بذنب أتاه فعوقب عليه كما قال سبحانه: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (٧٩)} [النساء: ٧٩].
وما أصاب العباد من مصيبة في أبدانهم وأموالهم وأولادهم، وفيما يحبون ويكون عزيزاً عليهم إلا بسبب ما قدمته أيديهم من السيئات، وما يعفو الله عنه أكثر، فإن الله لا يظلم العباد، ولكن العباد أنفسهم يظلمون: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (٣٠) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (٣١)} [الشورى: ٣٠، ٣١].
وما أصاب المسلمين من المصائب فقد قدره الله وأجراه في اللوح المحفوظ، فعليهم الرضا بقضائه وقدره، والتوكل عليه وحده في جلب ما ينفعهم، ودفع ما يضرهم كما قال الله سبحانه: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (٥١)} [التوبة: ٥١].
وللذنوب عقوبات عاجلة وآجلة:
ومن أعظم العقوبات أن يبتلى العبد، ويزين له ترك اتباع الرسول وذلك لفسقه، فمن تولى عن اتباع الحق فتلك عقوبة له على فسقه كما قال سبحانه: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (٤٩)} [المائدة: ٤٩].
والناس حال المصيبة على أربع مراتب:
الأولى: التسخط، وهو إما أن يكون بالقلب، كأن يسخط على ربه، ويضجر مما قدر الله عليه، أو يكون باللسان كالدعاء بالويل والثبور وما أشبه ذلك، أو يكون بالجوارح كلطم الخدود، وشق الجيوب ونحوها.
الثانية: الصبر، فيرى أن المصيبة ثقيلة عليه ويكرهها، لكنه يتحمل ذلك ويصبر،