فذكر سبحانه أربعة أصناف من المال، كل نوع يتمول به صنف من الناس:
أما الذهب والفضة فيتمول بهما التجار .. وأما الخيل المسومة فيتمول بها الملوك .. وأما الأنعام فيتمول بها أهل البوادي .. وأما الحرث فيتمول بها أهل المزارع.
فتكون فتنة كل صنف، في النوع الذي يتمول به، أما النساء والبنون ففتنة للجميع.
والإنسان مبتلى في هذه الحياة فهو يمشي في وادي اللذات، ويسبح في بحر الشهوات، ولقطع هذا الوادي وعبور هذا البحر لا بد من الإيمان الذي يحجزه عن محارم الله، ويدفعه لطاعة الله، حتى يصل إلى الجنة بسلام، فإن لم يكن معه إيمان غرق في هذا البحر وهلك وشقي شقاوة الأبد.
وكل شهوة ولذة محرمة ممزوجة بالقبح حال تناولها أو فعلها، مثمرة للألم حال انقضائها، موجبة للعقوبة حال اشتهارها: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩)} [مريم: ٥٩].
فعلينا أن نحسب كم مشينا في متطلبات الدنيا والشهوات؟.
وكم مشينا في متطلبات الآخرة، وتحقيق أحكام الله؟.
وكم مشينا في مراد الله، وكم مشينا في مراد النفس؟.
وكم طاعة فعلناها، وكم معصية اقترفناها؟.
نفعل ذلك في الدنيا قبل نشر الصحف ونصب الموازين، فاليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨)} [الحشر: ١٨].