للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خسرهما جميعاً.

ومعرفة الرب تعالى ومحبته، والإيمان به، وتوحيده، والعمل بطاعته، والأنس به .. أكمل نعيم للعبد في الدنيا والآخرة .. ولذة هذا النعيم بالنسبة للذات الدنيا بنسبة الذرة للجبل أو القطرة للبحر، وهو كالجنة بالنسبة لما سواه من النعيم.

وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هذه الجنة بقوله: «إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا قَالُوا وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ قَالَ حِلَقُ الذِّكْر» أخرجه أحمد والترمذي (١).

ولذات الدنيا متاع وسبيل إلى لذات الآخرة، ولذلك ما خلقت الدنيا لذاتها، بل للتزود منها، والاستعانة بما فيها على طاعة الله وعبادته، فكل لذة أعانت على لذة الآخرة، وأوصلت إليها، لم يذم تناولها، بل يحمد بحسب إيصالها إلى لذة الآخرة.

وإذا علم العبد هذا، فليعلم أن أعظم نعيم الآخرة ولذاتها النظر إلى وجه الله جل جلاله، وسماع كلامه، والقرب منه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فَمَا أُعْطُوا شيئاً أحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إلى رَبِّهِمْ عزَّ وجلَّ» أخرجه مسلم (٢).

وأعظم الأسباب التي تحصل هذه اللذة، هو أعظم لذات الدنيا على الإطلاق، وهي لذة معرفته سبحانه، ولذة محبته، فإن ذلك هو لذة الدنيا ونعيمها العالي.

وأطيب ما في الدنيا معرفته سبحانه ومحبته، وألذ ما في الجنة رؤيته ومشاهدته، فمحبته ومعرفته قرة العيون، ولذة الأرواح، وبهجة القلوب، ونعيم الدنيا وسرورها.

فليست الحياة الطيبة إلا بالله ولله، والروح والقلب والبدن إنما خلقت لعبادة الله، والتلذذ بطاعته ومناجاته والقرب منه.

والطيبات نوعان:


(١) حسن: أخرجه أحمد برقم (١٢٥٥١)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (٢٥٦٢).
وأخرجه الترمذي برقم (٣٥١٠)، صحيح سنن الترمذي رقم (٢٧٨٧).
(٢) أخرجه مسلم برقم (١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>