هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣٢)} [الأعراف: ٣٢].
وأنجس الناس حظاً من اللذة من تناولها على وجه يحول بينه وبين لذات الآخرة، فيقال له يوم القيامة، يوم استيفاء اللذات: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (٢٠)} [الأحقاف: ٢٠].
فهؤلاء تمتعوا بالطيبات .. وأولئك تمتعوا بالطيبات، وافترقوا في وجه التمتع.
فأولئك تمتعوا بالطيبات على الوجه الذي أذن لهم فيه، فجمع لهم بين لذة الدنيا والآخرة.
وهؤلاء تمتعوا بها على الوجه الذي دعاهم إليه الهوى والشهوة، سواء أذن لهم فيه أم لا؟.
فانقطعت عنهم لذة الدنيا، وفاتتهم لذة الآخرة، فما أخسر هؤلاء، فلا لذة الدنيا دامت لهم، ولا لذة الآخرة حصلت لهم.
فمن أحب اللذة العظمى الدائمة فليجعل لذة الدنيا موصلة له إلى لذة الآخرة، فكلما التذ بلذات الدنيا، ذكرته بالله ولذات الجنة الأبدية.
فيستعين بها على فراغ قلبه لله وعبادته، ويتناولها بحكم الاستعانة بها على طاعة الله، لا بمجرد الشهوة والهوى.
وإن كان ممن زويت عنه لذات الدنيا وطيباتها، فليجعل ما نقص منها زيادة في لذة الآخرة، ويجم نفسه هاهنا بالترك، ليستوفيها كاملة يوم القيامة.
وطيبات الدنيا ولذاتها نعم العون لمن صح طلبه لله والدار الآخرة.
وبئس القاطع لمن كانت هي همه ومقصوده وحولها يدندن.
وفواتها في الدنيا نعم العون لطالب الله والدار الآخرة.
وبئس القاطع النازع من الله والدار الآخرة.
فمن أخذ منافع الدنيا على وجه لا ينقص حظه من الآخرة ظفر بهما جميعاً وإلا