للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وقع الناس في البلاء بسبب عدم التمييز بين أولياء الشيطان وأولياء الرحمن، والفرقان أعز ما في العالم، وهو نور يقذفه الله في قلب المؤمن يفرق به بين الحق والباطل، ويزن به حقائق الأمور خيرها وشرها، وصالحها وفاسدها.

ومن فقد الفرقان وقع ولا بد في أشراك الشيطان وحبائله.

وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من ضده.

فعلى المسلم أن يخالط الناس في الخير كالجمعة والجماعة، والحج والأعياد، وتعلم العلم والجهاد في سبيل الله، والدعوة والنصيحة، ويعتزلهم في الشر وفضول المباحات.

فإن دعت الحاجة إلى مخالطتهم في الشر ولم يمكنه اعتزالهم، فالحذر الحذر أن يوافقهم، وليصبر على أذاهم، فإنهم لا بد أن يؤذوه إن لم يكن له قوة ولا ناصر، ولكنه أذى يعقبه عزٌ له ومحبة وتعظيم، وثناء عليه منهم، ومن المؤمنين، ومن رب العالمين.

وموافقتهم على الشر يعقبه ذل له وبغض، ومقت وذم، منهم، ومن المؤمنين ومن رب العالمين.

وإن دعت الحاجة إلى مخالطتهم في فضول المباحات، فليجتهد أن يقلب ذلك المجلس طاعةً لله إن أمكنه، فإن أعجزته المقادير عن ذلك فليسل قلبه من بينهم كسل الشعرة من العجين، وليكن فيهم حاضراً ببدنه، غائباً بفكره، ينظر إليهم ولا يبصرهم، ويسمع كلامهم ولا يعيه، لأنه أخذ قلبه من بينهم ورقى به إلى الملأ الأعلى، يسبح حول العرش مع الأرواح العلوية الزكية.

وما أصعب هذا، وما أشقه على النفوس، وإنه ليسير على من يسره الله عليه.

وقد حذرنا الله عزَّ وجلَّ من موالاة اليهود والنصارى، وكل من لا ينتمي إلى الإسلام، ولا يقف تحت رايته فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى

<<  <  ج: ص:  >  >>