للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٦٨)} [المائدة: ٦٨]

إن دين الله له روح وجسد .. ليس رايةً ولا شعاراً ولا وراثة .. دين الله حقيقة تتمثل في النفس والحياة .. تتمثل في عقيدة تعمر القلب .. وشعائر تقام للتعبد .. ونظام يصرف الحياة ورفق منهج الله .. ولا يقوم دين الله إلا في هذا الكل المتكامل الشامل الجامع المانع.

ولا يكون الناس على دين الله إلا وهذا الكل المتكامل متمثل في نفوسهم وحياتهم، فأين أهل الكتاب من هذا؟.

إن البشرية كلها تنقسم في نظر المسلم إلى صفين:

صف المؤمنين .. وصف الكافرين .. على مدار الرسالات .. وعلى مدار القرون.

وينظر المسلم فإذا الأمة المؤمنة بكل دين .. وبكل عقيدة من عند الله هي أمته، وأهلها هم إخوانه من لدن آدم إلى بعثة خاتم الأنبياء محمد - صلى الله عليه وسلم -.

وإذا الصف الآخر هم الكفار في كل ملة .. وفي كل دين .. وفي كل زمان .. فيوالي المؤمنين .. ويتبرأ من الكافرين .. ويؤمن بالرسل جميعاً .. ويكفر بالطواغيت جميعاً.

إن البشرية لا تنقسم في تقرير المسلم إلى أجناس، وألوان، وأوطان، ولغات. إنما تنقسم إلى أهل الحق، وأهل الباطل، وهو مع أهل الحق ضد أهل الباطل من كانوا، وأين كانوا، في كل زمان، وفي كل مكان، وفي كل حال.

وهكذا يتوحد الميزان الذي يقيم به الإنسان أياً كان، ويرتفع المسلم عن عصبية الجنس واللون، واللغة والوطن، إلى القمة العليا التي تصل الإنسان بالرب إيماناً وعبادة وتقوى كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)} [الحجرات: ١٣].

إنها قيمة الإيمان التي تشمل الجميع .. ويقوم بها الجميع .. ويحاسب بها

<<  <  ج: ص:  >  >>