للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجلاله وجماله وإحسانه، استحق أن يعبد وحده لا شريك له.

فله سبحانه الأسماء الحسنى والصفات العلا التي تستلزم أن يكون هو المحبوب غاية الحب، وأن يعظم غاية التعظيم .. وأن يخضع له غاية الخضوع .. فهو وحده المعبود الذي تألهه القلوب وتحبه وتخضع له، وتذل له، وترجوه وتخافه، وتنيب إليه عند الشدائد، وتتوكل عليه في مصالحها، وتلجأ إليه، وتسكن إليه، وتطمئن بذكره وحده لا شريك له كما قال سبحانه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨)} [الرعد: ٢٨].

وقد اجتهد الشيطان لإفساد هذا اليقين على ذات الله وأسمائه وصفاته وأفعاله بين عموم البشر.

فزيَّن لآدم وزوجه الأكل من الشجرة، ليحصل لهما الملك والخلد بزعمه كما قال الله عن الشيطان: {قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (١٢٠)} [طه: ١٢٠].

فأكل آدم من الشجرة، وعصى ربه، ثم تاب إلى ربه، فتاب الله عليه: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣٧)} [البقرة: ٣٧].

وزيَّن الشيطان كذلك لقوم نوح أن يصوروا الصالحين من الأموات ليتذكروهم ويتعظوا بعبادتهم، وينشطوا للعبادة إذا رأوهم.

ثم زيَّن لهم أن البناء على قبورهم، والعكوف عندها من محبة أهل القبور من الأنبياء والصالحين، وأن الدعاء عندها مستجاب.

ثم نقلهم من هذه المرتبة إلى الدعاء بالمقبور، والإقسام به على الله في قضاء الحوائج، لمكانته عند الله.

فلما تقرر ذلك عندهم.

نقلهم إلى دعاء الميت وعبادته، وسؤاله الشفاعة، واتخاذ قبره وثناً تعلق عليه القناديل والستور والزهور، ويطاف به، ويستلم، ويحج إليه، ويذبح عنده.

فلما تقرر ذلك عند هؤلاء وألفوه، والشياطين تعينهم لما أشركوا بالله غيره،

<<  <  ج: ص:  >  >>