وهو سبحانه الذي لا تسكن الأرواح إلا بحبه، ولا تطمئن القلوب إلا بذكره، ولا تزكو العقول إلا بمعرفته، ولا تحيا القلوب إلا بلطفه، ولا يقع أمر إلا بإذنه، ولا يزول إلا بأمره، ولا يزيد ولا ينقص إلا بعلمه ومشيئته.
وهو سبحانه الذي لا يهتدي ضال إلا بهدايته، ولا يستقيم معوج إلا بتقويمه، ولا يتخلص من مكروه إلا برحمته، ولا يحفظ شيء إلا بكلاءته، ولا يحصل شيء إلا بإذنه، ولا يفتتح أمر إلا باسمه، ولا يتم شيء إلا بحمده.
وهو سبحانه الذي لا يُدرك محبوب إلا بتيسيره، ولا تنال سعادة إلا بطاعته، الذي وسع كل شيء رحمة وعلماً، وأوسع كل مخلوق فضلاً وبراً.
وهو سبحانه الرب الحق، الإله الحق، الملك الحق، المتفرد بالكمال المطلق من كل الوجوه، المتفرد بالجلال المطلق من كل الوجوه، المتوحد بالجمال المطلق من كل الوجوه، المبرأ من النقائص والعيوب من كل الوجوه.
لا يبلغ المثنون وإن استوعبوا جميع الأوقات بكل أنواع الثناء ثناء عليه، بل ثناؤه على نفسه أعظم وأكبر وأشمل من ثناء الخلق عليه.
سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. {سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٤)} [الزمر: ٤].
إن مدلول كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) يقتضي أن تكون الحاكمية العليا لله وحده في حياة البشر، كما أن له الحاكمية العليا في تدبير الكون سواء.
فهو سبحانه الحاكم الذي يحكم في الكون والعباد بقضائه وقدره، وهو الحاكم الذي يحكم في حياة العباد بمنهجه وشريعته.
وبناء على هذا لا يعتقد المسلم أن لله شريكاً في خلق الكون وتدبيره وتصريفه .. ولا يتقدم بالشعائر التعبدية إلا لله وحده .. ولا يتلقى الشرائع والأوامر في شئون الحياة إلا من الله وحده .. ولا يسمح لطاغوت من العبيد أن يشرع أو يحكم في شيء من هذا كله مع الله.
وإن من الغيورين على الإسلام اليوم وقبل اليوم من يتحدثون لتصحيح شعيرة