تعبدية، أو استنكار انحلال أخلاقي، أو مخالفة من المخالفات، وهذا واجب، ومن قام به مأجور.
لكن أوجب منه إنكار المنكر الأكبر، وهو قيام حياة الناس على غير التوحيد في العبادات والمعاملات والمعاشرات والأخلاق وغيرها.
والمرض المنتشر في العالم اليوم هو تصدع جدار التوحيد، فالناس يتوجهون في عباداتهم إلى الله، ويتوجهون في قضاء حاجاتهم إلى غير الله، من الناس والأحوال والأشياء والأحجار والأشجار والأموات والحيوانات.
ولإزالة هذا المرض الخطير نتوجه إلى الله في كل شيء، فهو الذي بيده كل شيء، وعنده خزائن كل شيء، والقادر على كل شيء.
نتوجه إلى الله وحده لقضاء حوائجنا في جميع الأحوال، والله بيده خزائن الأموال، وبيده تغيير الأحوال، ولا ننظر إلى أحوالنا مهما كانت شديدة، فالله على كل شيء قدير: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)} [الأعراف: ٥٤].
فإبراهيم - صلى الله عليه وسلم - ليس معه قوة ولا جيش، ولكن الله معه، فقلب الله سبحانه سلاح الأعداء وهو النار من ضار إلى نافع، وصارت النار بأمر الله برداً وسلاماً على خليل الرحمن.
والمشركون في بدر معهم قوة الأسباب، والمؤمنون مع رسول الله قلة في العدد والعدة، لكن الله معهم، فتوجهوا إليه فنصرهم، وأهلك أعداءهم.
فالمؤمن حقاً هو الذي يعلم ويتيقن أن الملك والتصريف والتدبير بيد الله تعالى لا بيد غيره.
فلا يرى نفعاً ولا ضراً .. ولا حركة ولا سكوناً .. ولا ظلمة ولا نوراً .. ولا خفضاً ولا رفعاً .. ولا قبضاً ولا بسطاً .. ولا حياة ولا موتاً ... إلا والله عزَّ وجلَّ خالقه وفاعله ومدبره، فلا يحصل في ملكه سبحانه حركة ولا سكون، ولا حياة ولا موت، ولا نفع ولا ضر إلا بإذنه وأمره وإرادته سبحانه: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١)} [الملك: ١].