للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولماذا يعرض نفسه للشرك الذي نهى الله عنه؟

ولماذا يخالف الإسلام الذي أمره الله به؟

إن كان ذلك كله رجاء جلب نفع أو دفع ضر في هذه الحياة الدنيا، فهذا كله بيد الله، وله القدرة المطلقة في عالم الأسباب، وله القهر على العباد، وبيده وحده النفع والضر، والعطاء والمنع: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧)} [الأنعام: ١٧].

وهل يكون الإنسان مسلماً لله في عبادته، بينما هو يتلقى من غير الله في شئون الحياة، وبينما هو يخضع لغير الله، ويستنصر بغير الله، ويتولى غير الله؟

والمحبة الصادقة لله تقتضي توحيد المحبوب في كل شيء، وأن لا يشرك بينه وبين غيره في محبته، التي تستلزم كمال التعظيم لله، مع كمال الذل له، وكل محبة لغير الله فهي عذاب ووبال على صاحبها.

ومن أعرض عن محبة الله، وذكره، والشوق إلى لقائه، ابتلاه بمحبة غيره، وعذبه بها في الدنيا، وفي البرزخ، وفي الآخرة.

فإما أن يعذبه بمحبة الأوثان، أو بمحبة الصلبان، أو بمحبة المردان .. أو بمحبة النسوان .. أو بمحبة الدينار .. أو بمحبة الغناء والفحش .. وغيرها مما هو في غاية الحقارة والهوان.

والإنسان عبد محبوبه كائناً ما كان: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: ١٦٥].

والله سبحانه رب السموات والأرض وما فيهن، وهو الخالق وحده، القاهر وحده، الذي له الأمر كله، وما سواه مخلوق مربوب مقهور مأمور، لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (١٦)} [الرعد: ١٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>