والطاعة إلى الشرك والمعصية، ويقلب قلبه من الإيمان الخالص إلى الكفر، ويزعمون أن هذا حقيقة التوحيد، ويستدلون على ذلك بقوله سبحانه: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (٢٣)} [الأنبياء: ٢٣].
ويقيمون إبليس حجة لهم على هذه المعرفة، وأنه كان عابداً في السماء، لكن جنى عليه جاني القدر، وأنه ينبغي أن تخاف الله كما تخاف الأسد الذي يثب عليك بغير جرم منك.
ويحتجون بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ أحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ، فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا». متفق عليه (١).
وبنوا هذا وأفعاله على أصلهم الباطل، وهو إنكار الحكمة والتعليل والأسباب، وأن الله لا يفعل لحكمة ولا بسبب، وإنما يفعل بمشيئة مجردة من الحكمة والتعليل والسبب، وأنه يجوز عليه أن يعذب أهل طاعته أشد العذاب، وينعم على أعدائه وأهل معصيته بجزيل الثواب، وأن الأمرين بالنسبة إليه سواء.
ألا ما أخطر الجهل على صاحبه وعلى من اقتدى به؟ فأي جهل يصد عن الله وعن دينه فوق هذا؟
فإذا رجع العاقل إلى نفسه، وفهم منهم هذا قال: من لا يستقر له أمر، ولا يؤمن له مكر، كيف يوثق بالتقرب إليه، وكيف يعول على طاعته واتباع أمره؟.
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٣٢٠٨)، ومسلم برقم (٢٦٤٣)، واللفظ له.