بذنوبه، إما بترك واجب، أو فعل محرم، وهو من نقص إيمانه.
وبهذا يزول الإشكال الذي يورده كثير من الناس على قوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (١٤١)} [النساء: ١٤١].
فانتفاء السبيل عن أهل الإيمان الكامل .. فإذا ضعف الإيمان صار لعدوهم من السبيل بحسب ما نقص من إيمانهم .. فهم جعلوا لهم عليهم السبيل بما تركوا من طاعة الله تعالى.
فالمؤمن عزيز عالٍ، مؤيد منصور، مكفي مدفوع عنه بالذات أين كان، ولو اجتمع عليه من بأقطارها، إذا قام بحقيقة الإيمان وواجباته، ظاهراً وباطناً: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (٣٥)} [محمد: ٣٥].
فهذا الضمان إنما هو بإيمانهم وأعمالهم التي هي جند من جنود الله، يحفظهم الله بها، ويعزهم بها، وينصرهم بها.
وأما المقام الثاني الذي وقع فيه الغلط واللبس، فكثير من الناس لجهله يظن أن أهل الدين الحق في الدنيا يكونون أذلاء مقهورين مغلوبين دائماً، بخلاف من فارقهم إلى سبيل أخرى، وطاعة أخرى، فلا يثق بوعد الله بنصر دينه وعباده.
وهذا سببه الجهل، وسوء الفهم لكتاب الله، فإنه سبحانه بين في كتابه أنه ناصر المؤمنين في الدنيا والآخرة كما قال سبحانه: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١)} [غافر: ٥١].
وما أصاب العبد من مصيبة، أو إدالة عدوه عليه، فذلك بسبب ذنوبه كما قال سبحانه: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)} [الشورى: ٣٠].
وفوق هذا لا بدَّ أن نعلم أن ما يصيب المؤمنين من الشرور والأذى والمحن دون ما يصيب الكفار، وكذلك ما يصيب الأبرار في هذه الدنيا دون ما يصيب الفجار والفساق والظلمة بكثير، والواقع شاهد بذلك.
وما يصيب المؤمنين في الله تعالى مقرون بالرضا والاحتساب، فإن فاتهم