والأنبياء الذين يتخذهم أرباباً من دون الله كما قال سبحانه: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)} [التوبة: ٣١].
وكلما كان العبد أعظم استكباراً عن عبادة الله كان أعظم إشراكاً بالله، لأنه كلما استكبر عن عبادة الله، ازداد فقره وحاجته إلى المراد المحبوب الذي هو مقصود القلب، ولن يستغني القلب عن جميع المخلوقات، إلا بأن يكون الله هو مولاه الذي لا يعبد إلا إياه، ولا يستعين إلا به، ولا يتوكل إلا عليه.
وكلما قويت عبودية العبد لله أبرأه الله من الكبر والكفر والشرك.
والكبر غالب على اليهود .. والشرك غالب على النصارى.
واليهود كثيراً ما يعدلون الخالق بالمخلوق ويمثلونه به، حتى يصفوا الله بالعجز والفقر والبخل، ونحو ذلك من النقائص التي يجب تنزيهه عنها، وهي من صفات خلقه.
والنصارى كثيراً ما يعدلون المخلوق بالخالق، حتى جعلوا في المخلوقات من نعوت الربوبية، وصفات الإلهية، ويجوزون له ما لا يصلح إلا للخالق سبحانه، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
وكلما كان في القلب حب لغير الله، كانت فيه عبوديته لغير الله بحسب ذلك، ولا يجوز لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين بذنب، ولا يخرجه من الإسلام بعمل، إلا إذا تضمن ترك ما أمر الله به كالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت فإنه يكفر به.
وكذلك يكفر بعدم اعتقاد وجوب الواجبات الظاهرة المتواترة كالصلاة والزكاة