للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أعرض عن الهدى فلم يسمعه ولم يطلبه ولم يقبله، شقى في الدنيا والآخرة، واستعمل الشيطان فكره وقلبه وجوارحه في معصية الله، وسخطه وغضبه: {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا (٣٨)} [النساء: ٣٨].

وأمهات الذنوب والمعاصي تنحصر في أربع صفات:

الأولى: صفات ربوبية .. ومنها يحدث الكبر والفخر، وحب المدح والثناء، والعز وطلب الاستعلاء ونحو ذلك.

الثانية: صفات شيطانية .. ومنها يتشعب الحسد والبغي .. والحيل والخداع .. والمكر والنفاق .. والغش والفساد والإفساد.

الثالثة: صفات سبعية .. ومنها يتشعب الغضب والحقد، والتهجم على الناس بالقتل والضرب، وسفك الدماء، وأخذ الأموال، والظلم والقهر.

الرابعة: صفات بهيمية .. ومنها يتشعب الشره، والحرص على قضاء شهوة البطن والفرج، فيتشعب من ذلك الزنا والفواحش، والسرقة وأخذ الحطام لأجل الشهوة ونحو ذلك، وهذه أكثر ذنوب الخلق، لعجز أكثرهم عما قبلها.

وهذه الصفات التي يتمرغ فيها الكفار لها تدرج في الفطرة.

فالصفة البهيمية هي التي تغلب أولاً .. ثم تتلوها الصفة السبعية ثانياً .. فإذا اجتمعت هاتان استعملتا العقل في الصفات الشيطانية من المكر والخداع والحيل.

ثم تغلب الصفات الربوبية فيحدث الكبر والفخر، وحب المدح، وحب العلو.

ثم تتفجر الذنوب من هذه المنابع إلى الجوارح، فتفسد بقية المملكة.

فبعضها في القلب كالكفر والبدع والنفاق .. وبعضها في العين والأذن واللسان .. وبعضها في البطن والفرج .. وبعضها في الأيدي والأرجل.

وهذه الذنوب منها ما يتعلق بالنفس .. ومنها فيما بين العبد والرب .. ومنها فيما بين العبد والخلق: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٤)} [النساء: ١٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>