للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو سبحانه يعاقب بالطمس على القلوب، كما يعاقب بالطمس على الأعين. وهو سبحانه قد يعاقب بالضلال عن الحق عقوبة دائمة مستمرة، وقد يعاقب به إلى وقت، ثم يعافي عبده ويهديه، كما يعاقب بالعذاب كذلك.

وكيف يكفر العبد بربه وهو الذي خلقه، ووهبه الحياة، ثم يميته، ثم يحييه، ثم يعود إليه؟ فكما ذرأهم في الأرض إليه يحشرون، فيجازي كلاً بعمله: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨)} [البقرة: ٢٨].

أفيليق بالناس أن يكفروا بربهم وهم تحت تصرفه وتدبيره، ويتقلبون في نعمه؟.

وهل هذا إلا جهل عظيم، وسفه وحماقة، وإنكار للجميل والإحسان؟

فاللائق بأهل العقول أن يؤمنوا بالله ويتقوه ويشكروه، ويخافوا عذابه، ويرجوا ثوابه.

وكيف يكفر بالله من خلق الله له ما في الأرض جميعاً، وجعله خليفة في الأرض، مالكاً لما فيها؟.

إنه الكائن الأعلى في هذا الملك العريض من بين المخلوقات فكيف لا يطيع ربه الذي خلقه ورزقه، وملكه وسوده؟: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩)} [البقرة: ٢٩].

إن الكفر بالله في مواجهة هذه الدلائل والآلاء العظام كفر قبيح بشع، مجرد من أي حجة أو برهان.

والقلب الذي يذوق الإسلام ويعرفه، لا يمكن أن يرتد عنه ارتداداً حقيقياً أبداً، إلا إذا فسد فساداً لا صلاح له.

ومن يرتد عن الإسلام بعد ما ذاقه وعرفه، فارتد تحت مطارق الأذى والفتنة، فمصيره عند الله:

حبوط عمله في الدنيا والآخرة، ولزوم العذاب في النار خلوداً: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>