الجاهلية مجسمة في أحجار أو أشجار، أو حيوان أو طير، أو نجم أو كوكب، أو أرواح أو نار.
فهذه الصور لا تستغرق الشرك كله، ولا تستغرق كل صور العبادة للأصنام من دون الله، فلا بدَّ من معرفة معنى الأصنام.
فالشرك بمعناه المطلق يتمثل في كل حالة لا يكون فيها الحكم لله.
فالإنسان الذي يتوجه إلى الله معتقداً بألوهيته، ثم يدين لله في الوضوء والصلاة والصيام وسائر الشعائر، بينما هو في الوقت ذاته يدين في معاملاته ومعاشراته وطريقة حياته لغير الله، ويدين في قيمه وأخلاقه، وعاداته وأزيائه لأرباب من البشر، فهذا العبد إنما يزاول الشرك في أخص حقيقته، ويجعل مع الله شريكاً يطيعه.
فلهؤلاء الخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة كما قال سبحانه: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٨٥)} [البقرة: ٨٥].
فالإسلام هو توحيد الله في جميع الأحوال، وطاعته وحده في كل أمر وفعل ما أمر الله به، واجتناب ما نهى عنه.
لم يأت الإسلام بتحطيم الأصنام الحجرية والخشبية فحسب، بل جاء ليُعبد الله وحده لا شريك له، وليكون الدين كله لله:
في كل أمر .. وفي كل هيئة .. وفي كل صورة .. وفي كل بلد .. وفي كل زمان. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٠٨)} [البقرة: ٢٠٨].
والشرك قسمان:
أحدها: شرك يتعلق بذات المعبود وأسمائه وصفاته وأفعاله، وهو نوعان:
الأول: شرك التعطيل، وهو جحد الرب، وهو أقبح أنواع الشرك كقول فرعون: