والمشركون الذين وصفهم الله ورسوله بالشرك أصلهم صنفان:
قوم نوح .. وقوم إبراهيم.
فقوم نوح كان أصل شركهم العكوف على قبور الصالحين، ثم صوروا تماثيلهم، ثم دعوا الله عندها، ثم عبدوها من دون الله.
وقوم إبراهيم كان أصل شركهم عبادة الكواكب والشمس والقمر.
وكل هؤلاء إنما يعبدون الجن، فإن الشياطين تخاطبهم وتعينهم على أشياء، وتتصور لهم بصور الآدميين، فيرونهم بأعينهم.
والجن كالإنس فيهم المؤمن والكافر، والمطيع والعاصي، والمنافق والفاسق. والشياطين من الجن يوالون وينفعون من يفعل ما يحبونه من الشرك والفسوق والعصيان من الآدميين: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (٤١)} [سبأ: ٤٠، ٤١].
فنوح - صلى الله عليه وسلم - أول من غير الشرك الأرضي، وهو عبادة أهل الأرض للأصنام، وإبراهيم - صلى الله عليه وسلم - أول من غير الشرك السماوي، وهو عبادة قومه للكواكب والنجوم.
وكلما ضعف الإيمان ضعف اليقين على الله، ثم حصل الشرك، فيبعث الله نبياً يرد الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له، حتى ختمهم ببعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع أهل الأرض إلى يوم القيامة بالإسلام الذي يقوم على أصلين:
شهادة أن لا إله إلا الله ... وشهادة أن محمداً رسول الله.
ومعناها: عبادة الله وحده لا شريك له، على طريقة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، في كل شأن من شئون الحياة، وامتثال أوامره سبحانه في جميع الأحوال، وتحقيق العبودية لله في كل أمر:
في العبادات .. والمعاملات .. والمعاشرات .. والأخلاق.
فعبادة الأصنام لا تعني فقط الصور الساذجة التي كان يزاولها العرب في