للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستهزؤون بالمؤمنين، ويعظمون إخوانهم الكافرين: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥)} [البقرة: ١٥].

خرجوا في طلب التجارة البائرة، والعلوم السافلة، في بحار الظلمات، فركبوا مراكب الشبه والشكوك، فهلكوا وأهلكوا وخسروا: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (١٦)} [البقرة: ١٦].

أضاءت لهم مصابيح الإيمان، فأبصروا في ضوئها مواقع الهدى والضلال، ثم طغى ذلك النور، وبقيت نار تأجج ذات لهب واشتعال، فهم بتلك النار معذبون، وفي تلك الظلمات يعمهون: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (١٧) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (١٨)} [البقرة: ١٧، ١٨].

أسماع قلوبهم قد أثقلها الوقر فهي لا تسمع منادي الإيمان.

وعيون بصائرهم عليها غشاوة العمى فهي لا تبصر حقائق القرآن.

وألسنتهم بها خرس عن الحق فهم به لا ينطقون.

{صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (١٨)} [البقرة: ١٨].

ألا ما أجهل المنافقين وما أسفههم، نزل عليهم صيِِّب الوحي، وفيه حياة القلوب والأرواح، فلم يسمعوا منه إلا رعد التهديد والوعيد، والأمر والنهي، فجعلوا أصابعهم في آذانهم، واستغشوا ثيابهم، وجدوا في الهرب: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (١٩)} [البقرة: ١٩].

قام بهم الرياء وهو أقبح مقام قام به الإنسان، وقعد بهم الكسل عما أمروا به من أوامر الرحمن، فأصبح الإخلاص عليهم ثقيلاً: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (١٤٢)} [النساء: ١٤٢].

هم بين الناس كالشاة التائهة بين الغنمين، تفيء إلى هذا مرة، وإلى هذا مرة، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>