للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غاية الجهل والإفساد: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (٣٢)} [التوبة: ٣٢].

فارقوا الوحي، وتركوا الاهتداء به، ونزلت عليهم نصوص الوحي نزول الضيف على أقوام لئام، فقابلوها بغير ما ينبغي لها من القبول والإكرام.

يرون أنفسهم أهل العلم والمعرفة، ويرون المتمسك من الناس بالكتاب والسنة سفيهاً غير مقبول، فلا يسمعون منه، ولا يستجيبون له: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (١٣)} [البقرة: ١٣].

ألا ما أخطرهم على جسد الأمة، لبسوا ثياب أهل الإيمان، على قلوب أهل الزيغ والغل والكفران، ألسنتهم ألسنة المسالمين، وقلوبهم قلوب المحاربين:

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨)} [البقرة: ٨].

رأس مالهم الخديعة والمكر، وبضاعتهم الكذب والختر، وعندهم العقل المعيشي أن الفريقين عنهم راضون، وهم بينهم آمنون: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (٩)} [البقرة: ٩].

قد أنهكت أمراض الشبهات والشهوات قلوبهم فأهلكتها، وغلبت المقاصد السيئة على إراداتهم ونياتهم فأفسدتها: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (١٠)} [البقرة: ١٠].

فسادهم في الأرض كثير، يخرجون العباد من الدين، ويحولون بينهم وبين التصديق، لكل منهم وجهان:

وجه يلقي به المؤمنين .. ووجه ينقلب به إلى إخوانه الملحدين.

{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (١٤)} [البقرة: ١٤].

قد أعرضوا عن الكتاب والسنة استهزاءً بأهلهما واستحقاراً، وأبوا أن ينقادوا لحكم الوحيين فرحاً بما عندهم من العلم الذي لا ينفع الاستكثار منه إلا شراً،

<<  <  ج: ص:  >  >>