للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (٢٥) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (٢٦)} [محمد: ٢٥، ٢٦].

ألا ما أخسر صفقة النفاق والمنافقين، إنهم عند الموت تُضرب وجوههم وأدبارهم، الأدبار التي ارتدوا إليها من بعد ما تبين لهم الهدى، فيا لها من مأساة وخسارة: {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (٢٧) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٢٨)} [محمد: ٢٧، ٢٨].

فالمنافقون هم الذين اختاروا لأنفسهم هذا المصير، وهم الذين عمدوا إلى ما أسخط الله من نفاق ومعصية وتآمر مع أعداء الله وأعداء دينه من اليهود. وهم الذين كرهوا رضوانه فلم يعملوا له، بل عملوا ما يسخط الله ويغضبه، فأحبط أعمالهم: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٢٨) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (٢٩)} [محمد: ٢٨، ٢٩].

تلك الأعمال التي يُعجبون بها، ويحسبونها مهارة وبراعة، يتآمرون بها على المؤمنين، ويكيدون لهم، فإذا بهذه الأعمال تورثهم ذلة في الدنيا، وعذاباً في الآخرة: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (١٤٠)} [النساء: ١٤٠].

إن بلية الإسلام والمسلمين بالمنافقين شديدة جداً، وخطرهم على المسلمين قوي جداً، لأنهم منسوبون إليه وإلى نصرته وموالاته وهم أعداؤه، يهدمون ويفسدون، ويزعمون أنهم مصلحون: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١)} [البقرة: ١١].

يخرجون عداوتهم للإسلام في كل قالب، يظن الجاهل أنه علم وإصلاح، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>