ليس في قلوبهم شجاعة، يخافون إن أظهروا حالهم من المؤمنين، ويخافون أن تتبرؤوا منهم فيتخطفهم الأعداء، قد جمعوا بين رذيلتين: رذيلة الكذب، ورذيلة الجبن، فما أشد خوفهم وجبنهم: {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (٥٧)} [التوبة: ٥٧].
إن أصاب المؤمنين عافية ونصر، ساءهم ذلك وغمهم، وإن أصابهم ابتلاء من الله، وامتحان يمحص قلوبهم، ويكفر به عنهم سيئاتهم أفرحهم ذلك وسرهم: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (١٢٠)} [آل عمران: ١٢٠].
ثقلت عليهم النصوص فكرهوها، وأعياهم حملها فألقوها ووضعوها، وتفلتت منهم السنن فلم يحفظوها، ولم يعملوا بها، فأحبط الله أعمالهم: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٩)} [محمد: ٩].
وهؤلاء المنافقون متفقون تماماً مع أعداء الله ورسوله في محاربة الإسلام وأهله، ينفذون من ذلك ويظهرون حسب الظروف المناسبة: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (٢٦)} [محمد: ٢٦].