هل قدم حاجات الدنيا أو حاجات الدين؟ .. أو أخر حاجات الدنيا أو حاجات الدين؟.
وهل قدَّم أوامر الله على شهوات النفس؟. أو أخَّر شهوات النفس أو أوامر الله عزَّ وجلَّ؟ .. وهل قدم محبوبات الرب على محبوبات النفس؟.
والله عزَّ وجلَّ خلق عباده له، ولهذا اشترى منهم أموالهم وأنفسهم، وهذا عقد لم يعقده مع خلق غيرهم، ليسلموا إليه النفوس التي خلقها له، فتطيع ربها وتعبده بشرعه الذي أنزله.
وقد خلق الله عباده، وخلق كل شيء من أجلهم كما قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (٢٠)} [لقمان: ٢٠].
وكرمهم وفضلهم على كثير ممن خلق بالعقل والعلم .. والبيان والنطق .. والشكل والصورة الحسنة .. والهيئة الشريفة .. واكتساب العلوم، والتخلق بالأخلاق الشريفة الفاضلة من البر والصدق والإيمان، والطاعة والانقياد.
وقد اشترى الله عز وجل من المؤمنين أنفسهم وأموالهم، وجعل ثمن ذلك الجنة كما قال سبحانه:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}[التوبة: ١١١].
وهذا الشراء دليل على أنها محبوبة لله، مصطفاة عنده، مرضية لديه، وقدر السلعة يُعرف بجلالة قدر مشتريها، وبمقدار ثمنها.
فإذا عرف الإنسان قدر السلعة .. وعرف مشتريها .. وعرف الثمن المبذول فيها .. علم شأنها ومرتبتها في الوجود.
فالسلعة أنت أيها المؤمن، والله المشتري، والثمن الجنة، والنظر إلى وجه الرب، وسماع كلامه في دار الأمن والسلام والخلود.
والله عزَّ وجلَّ هو الملك العزيز الجبار، لا يصطفي لنفسه إلا أعز الأشياء وأشرفها وأعظمها قيمة وقدراً.