للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (٢٠)} [الحديد: ٢٠].

فحل المال مكان الإيمان .. وحلت الشهوات مكان الأعمال .. وأعمال الدنيا مكان أعمال الدين .. فقام سوق الدنيا .. وتعطل سوق الدين عند كثير من المسلمين .. فنزلت بهم من الله المحن والشدائد: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩)} [مريم: ٥٩].

ومتى رأيت العقل يؤثر الفاني على الباقي فاعلم أنه قد مسخ.

ومتى رأيت القلب قد ترحل عنه حب الله، والاستعداد للقائه، وحل فيه حب المخلوق، والرضا بالحياة الدنيا فاعلم أنه قد خسف به.

ومتى رأيت نفسك تهرب من الأنس بالله إلى الأنس بالخلق، ومن الخلوة مع الله إلى حب الخلوة مع غيره، فاعلم أنك لا تصلح له.

والموجودون الآن من بني آدم أربعة أصناف:

الصنف الأول: مؤمنون بالله، تعلموا الدين، وعملوا بالدين، ودعوا إلى الدين، بنية النبي، وبيقين النبي، وبفكر النبي، وبترتيب النبي، فهؤلاء خير القرون، ونصرة الله معهم، وفي مقدمتهم الصحابة رضي الله عنهم.

الثاني: مؤمنون صالحون، لكنهم لا يقومون بالدعوة، فهم قانعون بالأعمال الصالحة، فالله يعطيهم في الدنيا حياة طيبة بقدر ما عملوا، وفي الآخرة لهم الجنة.

لكن في الدنيا إذا جاءت الأحوال والمصائب فغالباً لا يستطيعون حفظ أنفسهم من الفتن.

الثالث: مسلمون، ولكنهم غارقون في المعاصي والمحرمات.

وهؤلاء مقلدون للكفار، يحبون معاشرتهم، فهم عبيد لهم، ولشهواتهم.

الرابع: كفار ومشركون، وهؤلاء يبقون في الدنيا إلى آجالهم، ولكن إذا آذوا وقاتلوا الصنف الأول، فالله ينصر المؤمنين عليهم، ولو كانوا قليلي العدد والعدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>