ولقلع هذا الحرص ينبه الله عباده إلى فتنة الأموال والأولاد، فهي موضع فتنة وابتلاء، ويحذرهم من الضعف عن اجتياز هذا الامتحان، ومن التخلف عن دعوة الجهاد، وعن النكوص عن تكاليف الأمانة والعهد والبيعة.
واعتبار هذا كله خيانة لله والرسول، وخيانة للأمانات التي تضطلع بها الأمة المسلمة في الأرض.
وهي إعلاء كلمة الله في الأرض .. وتقرير ألوهيته وحده للعباد، والوصاية على البشرية بالحق والعدل، وتنفيذ أوامر الله في عباده على مدار الزمان.
ومع هذا التحذير، التذكير بما عند الله من أجر عظيم، يرجح بالأموال والأولاد التي تقعد الناس عن التضحية والجهاد في سبيل الله كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٧) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٨)} [الأنفال: ٢٧، ٢٨].
فعلى الأمة المسلمة التي آمنت بالله أن تجاهد لتقرير عقيدة الإيمان في القلوب، وإقامة منهج الله في خلقه، وبذلك تكون قد أدت الأمانة التي حملتها.
فالإسلام ليس كلمة تقال باللسان فقط .. وليس مجرد عبادات وأدعية وأذكار فقط .. إنما هو مع ذلك منهج حياة كاملة شاملة لبناء واقع الحياة الإنسانية على قاعدة (أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله).
وذلك برد الناس إلى العبودية لربهم الحق، ورد المجتمع كله إلى حكمه وشرعه، ورد الطغاة المعتدين على ألوهية الله وسلطانه من الطغيان والاعتداء، وتأمين الحق والعدل ومكارم الأخلاق للناس جميعاً.
وإقامة القسط بينهم بالميزان الثابت، وتعمير الأرض، والنهوض بتكاليف الخلافة فيها عن الله، بمنهج الله، وفق سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وكل هذه أمانات عظيمة من لم ينهض بها فقد خانها، وخاس بعهد الله الذي عاهد الله عليه، ونقض بيعته التي بايع بها رسوله.