للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأداء ذلك كله يحتاج إلى الصبر والتضحية، وإلى الاستعلاء على فتنة الأموال والأولاد، والى التطلع إلى ما عند الله من الأجر العظيم لمن أدى الأمانة: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٨)} [الأنفال: ٢٨].

فقد وهب الله عباده الأموال والأولاد ليبلوهم بها، ويفتنهم بها، فهي من زينة الحياة الدنيا التي تكون موضع امتحان وابتلاء، ليرى الله فيها صنع العبد وتصرفه.

أيشكر الله عليها، ويؤدي حق النعمة فيها؟.

أم يشتغل بها حتى يغفل عن أداء حق الله فيها؟

فإذا انتبه القلب إلى موضع الامتحان والاختبار، كان ذلك عوناً له على الحذر واليقظة، لئلا يخفق في الامتحان، ثم لا يدعه الله بلا عون منه ولا عوض.

فقد يضعف لثقل الأمر، خاصة في موطن الضعف في الأموال والأولاد، فيلوح الله له بما هو خير من ذلك وأبقى، ليستعين به على مقاومة الفتنة، ويتقوى ويثبت.

وبعض الناس يظن أن الاعتراف بألوهية الله في ذاته هو الإيمان .. وأن الناس متى اعترفوا بأن الله إلههم فقد بلغوا الغاية .. دون أن يرتبوا على الألوهية مقتضاها وهو العبودية .. فيطيعونه ويخضعون له في كل شيء .. فلا يتقدمون بالشعائر التعبدية إلا له .. ولا يحكمون في أمرهم كله غيره.

وبعضهم يظن أن العبودية تتحقق بمجرد تقديم الشعائر لله .. ويحسبون أنهم متى قدموا الشعائر لله وحده .. فقد عبدوا الله وحده، بينما كلمة (العبادة) مشتقة من عبد، وعبد تفيد ابتداء: دان وخضع.

وما الشعائر إلا مظهر واحد من مظاهر الدينونة والخضوع، لا يستغرق كل حقيقة الدينونة، ولا كل مظاهرها.

يا حسرة على العباد من سوء الفهم .. وسوء الظن .. وسوء الجهل.

<<  <  ج: ص:  >  >>