للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطاف إلى أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وحتى سلمت إليها الأمانة، وعهد الله إليها بالوصاية على البشرية إلى يوم القيامة.

فهذه الأمة هي القوامة على البشرية بعد نبيها، وهي الوصية على الناس بموازين شريعتها، وهي أمينة على ذلك، ومسئولة عنه.

فعليها أداء الشهادة لهذا الدين من خلال واقعها، ومنهج حياتها، كما أراد الله، ليدخل الناس في دين الله أفواجاً، وهي مسؤولة عنهم، وشاهدة عليهم.

فما أعظم الكرامة .. وما أكبر المهمة .. وما أثقل الأمانة.

فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يشهد على هذه الأمة، وهذه الأمة تشهد على الناس: {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [الحج: ٧٨].

وقد ظلت هذه الأمة وصية على البشرية طالما استمسكت بذلك المنهج الإلهي، وطبقته في حياتها الواقعية، ومشت به في الناس.

حتى إذا انحرفت عنه، وتخلت عن تكاليفه، ردها الله من مكان القيادة والعزة، إلى مكان التابع في ذيل القافلة، حتى تحكم فيها أحفاد القردة والخنازير من اليهود والنصارى.

وما تزال ولن تزال حتى تعود إلى هذا الأمر الذي اصطفاها الله له.

وهذا الأمر العظيم يقتضي الاحتشاد له، والاستعداد له: {فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٧٨)} [الحج: ٧٨].

بهذه العدة تملك الأمة المسلمة أن تنهض بتكاليف الوصاية على البشرية التي اجتباها الله لها، وشرفها بها.

إن الإيمان أمانة الله في الأرض، ولا بدَّ من الابتلاء، ليعلم الله الصادق من الكاذب كما قال سبحانه: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (٣)} [العنكبوت: ٢، ٣].

ومن الفتن أن يتعرض المؤمن للأذى من الباطل وأهله، ثم لا يجد النصير الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>