للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمانة الكبرى.

أمانة السماء في الأرض .. وأمانة الله في قلب الإنسان.

وما بالله حاشا لله أن يعذب المؤمنين بالابتلاء .. وأن يؤذيهم بالفتنة .. ولكنه الإعداد الحقيقي لتحمل الأمانة .. فهي في حاجة إلى إعداد خاص لا يتم إلا بالمعاناة العملية الشاقة .. وإلا بالاستعلاء الحقيقي على الشهوات .. وإلا بالصبر الحقيقي على الآلام .. وإلا بالثقة الحقيقية في نصر الله أو في ثوابه .. على الرغم من طول الفتنة .. وشدة الابتلاء .. واقتحام الأهوال.

والنفس تطهرها الشدائد، فتنفي عنها الخبث، وتستجيش كامن قواها، وتطرقها بعنف وشدة فيشتد عودها.

وكذلك تفعل الشدائد بالمؤمنين، فلا يبقى صامداً إلا أصلبهم عوداً، وأشدهم اتصالاً بالله، وثقة فيما عنده.

وهؤلاء هم الذين يسلمون الراية في النهاية مؤتمنين عليها، بعد الاستعداد والاختبار.

وإن هؤلاء الأخيار ليتسلمون الأمانة، وهي عزيزة على نفوسهم بما أدوا لها من غالي الثمن، وبما بذلوا لها من الصبر على المحن، وبما ذاقوا في سبيلها من الآلام والتضحيات.

فهؤلاء هم الذين يشعرون بقيمة الأمانة، فلا يهون عليهم أن يسلموها رخيصة، بعد كل هذه التضحيات والآلام.

فأما انتصار الإيمان والحق في النهاية، فأمر تكفل به الله، وما يشك مؤمن في وعد الله، فإن أبطأ فلحكمة مقدرة فيها الخير للإيمان وأهله، وليس أحد بأغير على الحق وأهله من الله.

وحسب المؤمنين الذين تصيبهم الفتنة .. ويقع عليهم البلاء .. أن يكونوا هم المختارين من الله، ليكونوا أمناء على حق الله ودينه، وأن يشهد الله لهم بأن في دينهم صلابة .. فهو يختارهم للابتلاء حسب إيمانهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>