للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو ميثاق واحد مطرد من لدن نوح - صلى الله عليه وسلم - إلى خاتم النبيين محمد - صلى الله عليه وسلم -.

وهو منهج واحد، وأمانة واحدة، يتسلمها كل منهم، ويقوم بحقها، حتى يسلمها إلى من بعده، حتى انتهت إلى سيد المرسلين محمد - صلى الله عليه وسلم - كما قال سبحانه: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٧)} [الأحزاب: ٧].

والله عزَّ وجلَّ يطمئن رسوله - صلى الله عليه وسلم - أنه على صراط مستقيم، ويوصيه بالتمسك بما أوحي إليه من ربه، والثبات عليه، مهما لاقى من عنت الشاردين عن الطريق بقوله سبحانه: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٣)} [الزخرف: ٤٣].

إن هذا القرآن العظيم يرفع ذكرك وذكر قومك، بما فيه من الهدى والرشاد الذي سعدت به البشرية، وما زالت تسعد، والذي تحقق بفضل الله على يد الرسول ومن آمن معه: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (٤٤)} [الزخرف: ٤٤].

فأما الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإن ملايين الشفاه تصلي وتسلم عليه في كل لحظة، في كل زمان ومكان، ومئات الملايين من القلوب، تخفق بذكره وحبه، من بعثته إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وأما قومه فقد جاءهم هذا القرآن والدنيا لا تحس بهم، وإن أحست اعتبرتهم على هامش الحياة، وهو الذي جعل لهم الدور الأكبر في حياة البشرية.

وهو الذي واجهوا به الدنيا، فعرفتهم بالصدق والأمانة والعدالة، ودانت لهم طول الفترة التي تمسكوا فيها به.

فلما تخلوا عنه أنكرتهم الأرض، واستصغرتهم الدنيا، وقذفت بهم في ذيل القافلة هناك، بعد أن كانوا قادة الموكب المرموقين.

وإنها لتبعة ضخمة ستسأل عنها الأمة التي اختارها الله لدينه، واختارها لقيادة القافلة البشرية الشاردة إذا هي تخلت عن الأمانة.

وقد ربى النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه من المهاجرين والأنصار على التضحية بكل شيء

<<  <  ج: ص:  >  >>