للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجرد حارس عليه، ليسلمه إلى صاحبه، وهو في دوره هذا بالحراسة على هذا المال. إنما يأخذ منه رزقه فقط، ويبقى أميناً حافظاً على الجزء الباقي، حتى يوصله إلى أصحابه فيأخذوه، وربما أنفقوه فيما ينفع، أو فيما لا ينفع.

وقد حمل الله الإنسان أمانة الطاعة لله، والشكر لله، وجعل هذه الأمانة بينه وبين الله سبحانه، لا يطلع عليها أحد.

فالأمانة تكون بين العبد وربه، ولا يعرف ثالث عنها شيئاً، كذلك العبادة، وكل عمل يقصد به وجه الله تعالى، يكون بين الله والعبد.

وأفعال الإنسان الاختيارية قسمان:

قسم لا ثواب ولا عقاب عليه، كأن تحب أن تأكل صنفاً معيناً من الطعام أحله الله لك، أو تختار نوعاً من الفاكهة، أو تختار لون ثوبك، فهذه أنت حر فيها، وليس عليها ثواب ولا عقاب.

والقسم الآخر: الأعمال الاختيارية التي أنزل الله فيها أحكاماً بالفعل أو الترك، وهذا هو الاختبار الإيماني في الحياة، اختبار لحرية الإنسان في الفعل.

وقد يريد الإنسان أن يعمل عملاً، ولكنه لا يملك القدرة لإتمامه، فقد لا يتم العمل، لأن الله وحده هو الذي يريد، ويفعل ما يريد، ويقول للشيء كن فيكون.

وقد وضع الله عزَّ وجلَّ الإرادة الحرة للإنسان، في مكان لا يستطيع أحد في العالم أن يسيطر عليها.

إنها في القلب، وما هو داخل القلب لا يستطيع أحد، ولا تستطيع الدنيا كلها أن تصل إليه.

فأنت قد تكره إنساناً، ولكن ربما تحت التعذيب أو التهديد أو الخوف تتظاهر بالحب له، ولكن الحقيقة أنك تكرهه من داخل قلبك.

فالحساب هنا على الإرادة الحرة، التي لا يستطيع بشر ولا قوة في الأرض أن تجبرك على شيء فيها، ولكنها متروكة لك وحدك.

وهي لا تتغير ولا تتبدل، سواء كنت غنياً أو فقيراً، قوياً أو ضعيفاً، هذه المنطقة

<<  <  ج: ص:  >  >>