للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زحف سلمياً إلى قلب آسيا وأفريقيا.

وما يزال يمتد بنفسه في كل بيت، وفي كل قرية، وفي كل مدينة، وفي كل دولة، على الرغم من كل ما يرصد له في أنحاء الأرض من حرب وكيد، تحقيقاً لوعد الله، بأن يظهر دينه على الدين كله.

فهل نؤدي الأمانة التي اختارنا الله لها، بعد أن لم يرعها اليهود والنصارى، في العمل بالدين، وإبلاغه للبشرية كافة؟

{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (٢٨)} [الفتح: ٢٨]

إن هذا ليسكب في قلوب المؤمنين الطمأنينة، وهم ينفذون قدر الله في إظهار دينه الذي أراده ليظهر، وإن هم إلا أداة.

وما تزال حافزاً ومطمئناً لقلوب المؤمنين الواثقين بوعد الله، وستظل تبعث في الأجيال القادمة مثل هذه المشاعر، حتى يتحقق وعد الله مرة أخرى في واقع الحياة بإذن الله.

إن الله تبارك وتعالى ينادي المؤمنين، ويهتف بهم إلى أربح تجارة في الدنيا والآخرة، تجارة الإيمان بالله، والجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١)} [الصف: ١٠، ١١].

وإنها لأربح تجارة أن يجاهد المؤمن في حياته القصيرة، ثم يكسب مغفرة ذنوبه كلها، وإسقاط ديونه كلها، والفوز بالجنات والمساكن والقصور، ورضوان من الله أكبر: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢)} [الصف: ١٢].

فهل انتهى حساب هذه التجارة الرابحة عند هذا؟

إنه لربح ضخم هائل أن يعطى المؤمن الدنيا، ويأخذ الآخرة.

لقد تمت المبايعة على هذه الصفقة من أول يوم حين بايع الأنصار رسول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>