فلم يكن النصر للمؤمنين جزاء على التعب والنصب والتضحية، وإنما كان قدراً من قدر الله له حكمته ومنافعه، به مكن الله المؤمنين أن يقيموا حياتهم وفق مراد الله، كما يحب الله، أما جزاؤهم فهو ينتظرهم في الآخرة: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٠٠)} [التوبة: ١٠٠].
إن الله عزَّ وجلَّ يريد من المؤمنين أن يؤدوا أمانتهم التي استحفظوا عليها في جميع الأحوال:
أمانة العبادات .. أمانة المعاملات .. أمانة الأخلاق .. أمانة العلم .. أمانة الاستقامة .. أمانة الدعوة .. أمانة الجهاد في سبيل الله الذي هو ذروة سنام الإسلام.
فيقفون في وجه الشر والفساد والطغيان، ولا يخافون لومة لائم:
سواء جاء هذا الشر من الحكام المتسلطين كفرعون .. أو الأغنياء المتسلطين بالمال .. أو الأشرار المتسلطين بالأذى .. أو العامة المتسلطين بالهوى ..
وكل ما افترض الله على العباد فهو أمانة، فتعم جميع وظائف الدين.
والأمانة تشتمل على ثلاثة أمور:
الأول: اهتمام الأمين بحفظ ما استؤمن عليه، وعدم التفريط به أو التهاون بشأنه.
الثاني: عفة الأمين عما ليس له به حق.
الثالث: تأدية الأمين ما يجب عليه من حق لغيره.
وأداء الأمانة من صفات المؤمنين كما وصفهم الله بقوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (٨)} [المؤمنون: ٨].
وقد أمرنا الله عز وجل بأداء الأمانات إلى أهلها كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ