للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به، وهو ترك ما أمره الله به علمًا وعملاً كما قال سبحانه: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٧٤)} [البقرة: ٧٤].

أما القلوب المريضة فهي التي يكون الحق ثابتًا فيها، لكن مع ضعف وانحلال كما قال سبحانه: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (٥٣)} [الحج: ٥٣].

فذكر سبحانه القلب المريض وهو الضعيف المنحل الذي لا تثبت فيه صورة الحق، ثم القلب القاسي اليابس الذي لا يقبلها ولا تنطبع فيه.

فهذان القلبان شقيان معذبان.

ثم ذكر القلب المخبت المطمئن إليه، وهو الذي ينتفع بالقرآن ويزكو به.

وهذا الاختبار والامتحان مظهر لمختلف ما في القلوب الثلاثة.

فالقاسية والمريضة ظهر خبؤها من الشك والكفر، والمخبتة ظهر خبؤها من الإيمان والهدى، وزيادة محبة الرب، وبغض الكفر والشرك.

والقلب عضو من أعضاء الإنسان، وهو أشرف أعضائه، وكل عضو كاليد مثلاً، إما أن يكون جامدًا يابسًا، أو يكون مريضًا ضعيفًا، أو يكون حيًا قويًا.

فالقلوب كذلك ثلاثة:

قلب قاسٍ بمنزلة اليد اليابسة .. وقلب مائع رقيق جدًا .. وقلب رقيق صاف صلب.

فالأول لا ينفعل بمنزلة الحجر، والثاني بمنزلة الماء، وكلاهما ناقص.

وأصح القلوب القلب الرقيق الصافي الصلب .. فهو يرى الحق من الباطل بصفائه .. ويقبله ويؤثره برقته .. ويحفظه ويحارب عدوه بصلابته.

وهذا أحب القلوب إلى الله، وهو القلب المستقيم المخبت المطمئن: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (٣٤) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي

<<  <  ج: ص:  >  >>