فلله ما ألذ تلك السكينة التي أنزلها الله على قلب موسى - صلى الله عليه وسلم - حين ضرب البحر، وحين عبر البحر، وحين رأى أعداءه يغرقون في البحر.
وكذلك السكينة التي حصلت له وقت تكليم الله له عند الشجرة.
وكذلك السكينة التي حصلت له وقد رأى العصا ثعبانًا مبينًا أمام فرعون وملئه.
وكذلك السكينة التي نزلت عليه وقد رأى حبال السحرة وعصيهم كأنها حيات تسعى، فأوجس في نفسه خيفة، ثم ألقى عصاه التي ابتلعت تلك العصي والحبال.
فلله عظمة تلك السكينة حين رأى فعل ربه بعدوه، ونصره لنبيه.
وكذلك السكينة التي حصلت لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - في الغار، وقد أشرف عليه أعداؤه، فصرفهم الله عنه.
فلله كم لذة تلك السكينة التي رأى فيها حفظ وليه من كيد أعدائه.
وكذلك السكينة التي نزلت عليه - صلى الله عليه وسلم - في مواقفه العظيمة، وأعداء الله قد أحاطوا به في يوم بدر، ويوم الخندق، ويوم حنين، وغيرها.
فهذه السكينة أمر فوق عقول البشر، وهي آية عظيمة على صدق الأنبياء.
وأما سكينة أتباع الأنبياء، فتكون للمؤمنين بحسب متابعتهم، وهي سكينة الإيمان واليقين.
وهي سكينة تسكن القلوب عن الريب والشك، ولهذا أنزلها الله على المؤمنين في أصعب المواطن أحوج ما كانوا إليها كما قال الله سبحانه: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (٤)} [الفتح: ٤].
ولما علم الله ما في قلوب المؤمنين من الاضطراب والقلق، وذلك حين منعتهم قريش من دخول بيت الله عام الحديبية، وعلم ما فيها من الإيمان والصدق والخير، وحب الله ورسوله ثبتها بالسكينة وأنزلها عليهم كما قال سبحانه: