والأعمال .. ولا امتنع من فاحشة.
وكثير من الناس لولا الحياء الذي فيه لم يؤد شيئًا من الأمور المفروضة عليه، ولم يرع لمخلوق حقًا، ولم يصل له رحمًا، ولا بر له والدًا.
فإن الباعث على هذه الخصال الحميدة:
إما ديني: وهو رجاء عاقبتها الحميدة.
وإما دنيوي علوي: وهو حياء فاعلها من الخلق.
فلولا الحياء إما من الخالق أو من الخلائق لم يفعلها صاحبها.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ مِمَّا أدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» أخرجه البخاري (١).
فالرادع عن فعل القبيح إنما هو الحياء، فمن لم يستح فإنه يصنع ما يشاء، ولكل إنسان آمران وزاجران:
آمر وزاجر من جهة الحياء .. وآمر وزاجر من جهة الهوى والطبيعة.
فمن لم يطع آمر الحياء وزاجره، أطاع آمر الهوى والشهوة كما قال سبحانه: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩)} [مريم: ٥٩].
وحياء البشر على عشرة أوجه:
حياء جناية .. وحياء تقصير .. وحياء إجلال .. وعلى حسب معرفة العبد بربه يكون حياؤه منه .. وحياء كرم .. وحياء حشمة .. وحياء استصغار للنفس واحتقار لها .. وحياء محبة .. وهو حياء المحب من محبوبه.
وحياء عبودية .. وهو حياء ممتزج من محبة وخوف، ومشاهدة عدم صلاح عبوديته لمعبوده سبحانه، وأن قدره أعلى وأجل منها، فعبوديته له توجب استحياءه منه لا محالة.
(١) أخرجه البخاري برقم (٣٤٨٤).