ومن علامات أمراض القلوب عدولها عن الأغذية النافعة الموافقة لها إلى الأغذية الضارة .. وعدولها عن دوائها النافع إلى دائها الضار.
والقلب الصحيح يؤثر النافع الشافي على الضار المؤذي، والقلب المريض بضد ذلك، يؤثر الضار المهلك على النافع الشافي.
وأنفع الأغذية غذاء الإيمان .. وأنفع الأدوية دواء القرآن .. وكل منهما فيه الغذاء والدواء، والشفاء والرحمة.
ومن علامات صحة القلب أن يرتحل عن الدنيا حتى ينزل بالآخرة، ويحل فيها حتى يبقى كأنه من أهلها وأبنائها، جاء إلى هذه الدار غريبًا يأخذ حاجته ويعود إلى وطنه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما:«كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأنَّكَ غَرِيبٌ أوْ عَابِرُ سَبِيلٍ» وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا أمْسَيْتَ فَلا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أصْبَحْتَ فَلا تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ. أخرجه البخاري (١).
وكلما صح القلب من مرضه، ترحل إلى الآخرة، وقرب منها حتى يصير من أهلها، يعمل بأعمالها، ويجني من ثمارها.
وكلما مرض القلب واعتل، آثر الدنيا واستوطنها، حتى يصير من أهلها.
ومن علامات صحة القلب، أنه لا يزال يضرب على صاحبه، حتى ينيب إلى الله، ويخبت إليه، ويتعلق به تعلق المحب المضطر إلى محبوبه الذي لا حياة له ولا نعيم ولا سرور إلا برضاه وقربه والأنس به.
ومن علامات صحته كذلك أن لا يفتر عن ذكر ربه، ولا يسأم من خدمته، ولا يأنس بغيره إلا بمن يدله عليه، ويذكره به.
ومن علامات صحته أنه إذا فاته فرض من فرائض الله، أو فاته ورده، وجد لفواته ألمًا عظيمًا، أعظم من تألم الحريص بفوات ماله وفقده.