والقلب منزل الملائكة، ومهبط أثرهم، والصفات الرديئة فيه مثل الغضب والشهوة المحرمة، والحقد والحسد، والكبر والعجب، وأخواتها كلها كلاب نابحة، فأنى تدخله الملائكة وهو مشحون بالكلاب؟.
وحرام على قلب أن يدخله النور، وهو مظلم فيه شيء مما يكره الله عزَّ وجلَّ.
وعلل القلب كثيرة مؤلمة أشد من ألم البدن.
وعلاجها: أن ينظر إلى العلة أولاً .. فإن كان المرض داء البخل .. فعلاجه بذل المال .. ولكن لا يسرف، أو يبذر، ولا يقتر.
ومعرفة الوسط تكون بأن تنظر إلى نفسك.
فإن كان إمساك المال وجمعه، ألذ عندك من بذله لمستحقه، فاعلم أن الغالب عليك البخل، فعالج نفسك بالبذل.
وإن كان البذل ألذ عندك وأخف عليك من الإمساك، فقد غلب عليك التبذير، فارجع إلى المواظبة على الإمساك.
ولا تزال تراقب نفسك، حتى تنقطع علاقة قلبك بالمال، فلا تبالي من قلته أو كثرته، ولا تميل إلى بذله ولا إمساكه.
فكل قلب صار كذلك فقد جاء الله سليمًا.
وإذا أراد الله بعبد خيرًا بصره بعيوب نفسه .. وإذا عرف العيوب أمكنه العلاج .. وما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء .. علمه من علمه وجهله من جهله.
وعلاج أدواء القلوب معلوم موجود، وهو أن تعرف فاطرها ومعبودها وتطيع أمره .. وتحب ما يحب .. وتحذر مما يكره .. وذلك كله في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (٤٤)} [فصلت: ٤٤].