والقلب الصحيح: هو الذي عرف الحق واتبعه، وعرف الباطل واجتنبه.
فاللهم أرنا الحق حقًا، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً، وارزقنا اجتنابه.
ومرض القلوب نوعان:
مرض شبهات وشكوك .. ومرض شهوات وفسوق.
وصحة القلب الكاملة تتم بشيئين:
كمال معرفته بالله وعلمه ويقينه .. وكمال إرادته وحبه لما يحبه الله ويرضاه.
فإن كان عند الإنسان شبهات تعارض ما أخبر الله به، في أصول الدين وفروعه، كان علمه منحرفًا .. وإن كانت إرادته ومحبته مائلة لشيء من معاصي الله، كان ذلك انحرافًا في إرادته، وهما متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر.
فلا تغلب على العبد الشبهات إلا بفساد علمه بالله، وجهله بعدله وقضائه، وحكمته وشرعه وجزائه.
ولا تغلب عليه الشهوات إلا بفساد نفسه، وغلبة شهوات الدنيا عليه، وغلبة رياساتها وحظوظها على ما عند الله والدار الآخرة.
وإنما يكون فقط أحدهما أبرز من الآخر.
فمن الأول قوله سبحانه: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (١٠)} [البقرة: ١٠].
ومن الثاني قوله سبحانه: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (٣٢)} [الأحزاب: ٣٢].
والقلب مكان الإيمان والتقوى، كما أن المعدة مكان الطعام والشراب، والإيمان في القلب يحرك البدن لطاعة الله، كما أن الطعام في المعدة يمد البدن بالغذاء الذي به تتم صحته وتكمل حركته.
فالقلب يحتاج إلى غذاء الإيمان، والبدن يحتاج إلى أكل الطيبات، وكلاهما لازم للإنسان، وكماله باجتماعهما، وهلاكه بفقدهما.
ولهذا أمرنا الله عزَّ وجلَّ بهذا وهذا فقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا