والنهار، وعلم أن ما عداه من كتب الناس بين علوم لا ثقة بها، وبين ظنون كاذبة لا تغني من الحق شيئًا، وبين أمور صحيحة لا منفعة للقلب فيها، وبين علوم صحيحة قد وعروا الطريق إلى تحصيلها.
وأما شفاؤه لمرض الشهوات .. فذلك بما فيه من الحكمة والموعظة الحسنة .. بالترغيب والترهيب .. والتزهيد في الدنيا .. والترغيب في الآخرة .. والأمثال والقصص التي فيها أنواع العبر والاستبصار.
فيرغب القلب السليم إذا أبصر ذلك فيما ينفعه في معاشه ومعاده، ويرغب عما يضره، فيصير القلب محبًا للرشد مبغضًا للغي، ويعود للفطرة التي فطره الله عليها، كما يعود البدن المريض إلى صحته.
ويتغذى القلب من الإيمان والقرآن بما يزكيه ويقويه، ويؤيده ويفرحه، ويسره وينشطه كما يتغذى البدن بما ينميه ويقويه.
وكل من القلب والبدن محتاج إلى أن يتربى، فينمو ويزيد حتى يكمل ويصلح.
فكما أن البدن محتاج إلى أن يزكو بالأغذية المصلحة له، والحمية عما يضره، فلا ينمو إلا بإعطائه ما ينفعه، ومنع ما يضره، فكذلك القلب لا يزكو ولا ينمو ولا يتم صلاحه إلا بذلك، ولا سبيل له إلى الوصول إلى ذلك إلا من القرآن.
ونجاسة الفواحش والمعاصي في القلب بمنزلة الأخلاط الرديئة في البدن، وبمنزلة الخبث في الذهب والفضة.
فكما أن البدن إذا استفرغ من الأخلاط الرديئة، تخلصت القوة الطبيعية منها فاستراحت، فعملت عملها بلا معوق ولا ممانع فنما البدن.
فكذلك القلب إذا تخلص من الذنوب بالتوبة، فقد استفرغ من تخليطه، فتخلصت قوة القلب وإرادته للخير، فاستراح من تلك الجواذب الفاسدة، والمواد الرديئة فزكا القلب ونما، وقوي واشتد، وجلس على سرير ملكه، ونفذ حكمه في رعيته، فسمعت له وأطاعت، فصلحت المملكة.
فزكاة القلب موقوفة على طهارته، كما أن زكاة البدن موقوفة على استفراغه من