للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك المؤمنون إذا جاوزوا الصراط حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار فيهذبون وينقون، ثم يؤذن لهم في دخول الجنة.

والله جل جلاله بحكمته جعل الدخول عليه موقوفًا على الطهارة، فلا يدخل المصلى عليه حتى يتطهر، وكذلك جعل الدخول إلى جنته موقوفًا على الطيب والطهارة، فلا يدخلها إلا كل طيب طاهر.

والذنوب والخطايا توجب للقلب حرارة ونجاسةً وضعفًا، فيرتخي القلب، وتضطرم فيه نار الشهوة وتنجسه.

فالخطايا والذنوب للقلب بمنزلة الحطب الذي يمد النار ويوقدها.

ولذلك كلما كثرت الخطايا اشتدت نار القلب، واشتد ضعفه.

والماء يغسل الخبث، ويطفئ النار.

فإن كان باردًا أورث الجسم صلابة وقوة، وإن كان معه ثلج وبرد كان أقوى في التبريد وصلابة الجسم وشدته، فكان أذهب لأثر الخطايا والذنوب.

فالقلب والبدن بأشد الحاجة إلى ما يطهرهما ويبردهما ويقويهما، ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعاء الاستفتاح في الصلاة: «اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ» متفق عليه (١).

وقلوب البشر لها آفات وعلل، وأمرض وأسقام.

والحسد من الأمراض العظيمة التي تصيب القلوب، ولا تداوي أمراض القلوب إلا بالعلم والعمل.

فالعلم النافع لمرض الحسد، هو أن يعرف الإنسان أن الحسد ضرر عليه في الدنيا والدين.

أما في الدين فهو أنك سخطت قضاء الله تعالى، وكرهت نعمته التي قسمها بين عباده، وعدله الذي أقامه في ملكه بحكمته، فاستنكرت وكرهت واستبشعت ما


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٧٤٤)، واللفظ له، ومسلم برقم (٥٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>