وقد جبل الآدمي على الحرص والطمع، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب.
ودواء الحرص والطمع:
الاقتصاد في المعيشة .. والرفق في الإنفاق .. والرضا بما قسم الله له.
فإذا تيسر للعبد في الحال ما يكفيه، فلا يضطرب لأجل المستقبل، ويعينه على ذلك قصر الأمل، واليقين بأن الرزق الذي قدر له لا بدَّ أن يأتيه وإن لم يشتد حرصه، وأن يعرف ما في القناعة من عز الاستغناء، وما في الحرص والطمع من الذل.
وبذلك تنبعث رغبته في القناعة، لأنه في الحرص لا يخلو من تعب، وفي الطمع لا يخلو من ذل، وكلاهما مذموم.
وينظر في أحواله المتنعمين من اليهود والنصارى وأراذل الناس.
ثم ينظر في أحوال الأنبياء والأولياء، ويخير نفسه بين أن يكون مشابهًا لأراذل الناس، أو مقتديًا بأعز الخلق عند الله، ويفهم ما في جمع المال من الخطر، وما فيه من خوف السرقة والنهب، والضياع والفساد، وما في خلو اليد من الراحة والأمن والفراغ.
وبهذه الأمور يقدر على التخلص من الحرص والطمع، وعلى اكتساب خلق القناعة.
والمال إن كان مفقودًا فينبغي أن يكون حال العبد القناعة وقلة الحرص، وإن كان موجودًا فينبغي أن يكون حاله الإيثار والسخاء، واصطناع المعروف، والتباعد عن الشح والبخل، فإن الجود والسخاء من أخلاق الأنبياء والفضلاء.