للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكفيه العمل بما يروى ويحفظ، ويتركون العلم الذي يحصل به علاج القلب من معرفة الله وأسمائه وصفاته وأفعاله، ووعده ووعيده، والعلم الذي يحصل به معرفة الدين وأحكامه والعمل به.

ويشتغلون بكثرة الأسانيد، وتعدد الطرق، وطلب العالي منها، همة أحدهم أن يقول: معي من الإسناد ما ليس مع غيري.

وهل نزل الوحي إلا للعلم والعمل والتعليم للدين؟.

فما أشد غرور هؤلاء، والأمة تحتاج من هؤلاء من كان تقيًا عاملاً بعلمه.

وطائفة أخرى اشتغلوا بعلم النحو واللغة والشعر وغريب اللغة، وزعموا أنهم من علماء الأمة، إذ قوام الدين بالكتاب والسنة، وقوام الكتاب والسنة بعلم اللغة والنحو، فأفنى هؤلاء أعمارهم في طلب ذلك.

فهؤلاء كمن يفني عمره في تعلم الخط وتحسين الكتابة، ويزعم أن العلوم لا يمكن حفظها إلا بالكتابة، وكان يكفيه معرفة أصل الخط والباقي زيادة.

فهؤلاء مغرورون أضاعوا أوقاتهم وأوقات غيرهم، واشتغلوا في غير ما خلقوا له، فيكفيهم من اللغة معرفة الغريب في القرآن والسنة، ومن النحو ما يتلعق بالقرآن والحديث.

فأما التعمق فيه إلى درجات لا تتناهى، فهو فضول مستغنى عنه، يضيع الأوقات، ويشغل عن أداء الحقوق والواجبات.

والصنف الثاني: أرباب العبادة والعمل.

والذين غرهم الشيطان منهم فرق كثيرة:

فمنهم من غروره في الصلاة .. ومنهم من غروره في تلاوة القرآن .. ومنهم من غروره في الحج أو الصيام أو الأذكار .. ومنهم من غروره في الوضوء .. ومنهم من غروره في الزهد.

وكل عامل غالبًا لا يخلو من غرور إلا من رحم الله.

فمنهم فرقة أهملوا الفرائض، واشتغلوا بالنوافل والفضائل، وربما تعمقوا في

<<  <  ج: ص:  >  >>