فلولا فضل الله ورحمته على المؤمنين ما زكت منهم نفس واحدة كما قال سبحانه: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢١)} [النور: ٢١].
وسبب الظلم إما جهل .. وإما حاجة.
والنفس في الأصل جاهلة، والحاجة لازمة لها، فلذلك كان أمرها بالسوء لازمًا لها إن لم تدركها رحمة الله وفضله.
فإذا أراد الله بها خيرًا جعل فيها ما تزكو به من الإيمان والأعمال الصالحة.
وإن لم يرد بها ذلك تركها على حالها التي خلقت عليها من الجهل والظلم.
أما النفس اللوامة فهي اللؤم كما أخبر الله عنها بقوله: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢)} [القيامة: ١، ٢].
فكل نفس تلوم نفسها يوم القيامة:
تلوم المحسن نفسه أن لا يكون ازداد إحسانًا .. وتلوم المسيء نفسه أن لا يكون رجع عن إساءته.
والمؤمن ما تراه إلا يلوم نفسه على كل حالاته:
يلومها على كل ما يفعل، ويلومها على ترك ما أمر الله به .. ويلومها على تأخيره ونقصه إن فعله، ويلومها على فعل ما نهى الله عنه وعلى كثرته وإعلانه.
والنفس قد تكون تارة لوامة .. وتارة أمارة بالسوء .. وتارة مطمئنة، بل في اليوم الواحد، والساعة الواحدة، يحصل منها هذا وهذا، والحكم للغالب عليها من أحوالها.
فكونها مطمئنة وصف مدح لها .. وكونها أمارة بالسوء وصف ذم لها، وكونها لوامة ينقسم إلى المدح والذم بحسب ما تلوم عليه من ترك واجب، أو فعل محرم.
ومرض القلب باستيلاء النفس الأمارة عليه له علاجان هما:
محاسبة النفس .. ومخالفة النفس.