للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهلاك القلب من إهمال محاسبتها، ومن موافقتها واتباع هواها.

والنفس مع صاحبها كالشريك في المال بينهما شروط وعهود، فكذلك النفس حتى تزكو لا بدَّ أن يتفق معها على شروط.

يشارطها أولاً على حفظ الجوارح السبعة التي حفظها هو رأس المال، والربح بعد ذلك وهي: العين، والأذن، والفم، واللسان، والفرج، واليد، والرجل.

وهذه هي مراكب العطب والنجاة، فمنها عطب من عطب بإهمالها وعدم حفظها، ونجا من نجا بحفظها ومراعاتها.

فحفظها أساس كل خير، وإهمالها أساس كل شر.

{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٣٠)} [النور: ٣٠].

وقال الله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: ٣٠].

وقال الله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (٣٦)} [الإسراء: ٣٦].

وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠)} [الأحزاب: ٧٠].

فإذا شارط العبد نفسه على حفظ هذه الجوارح انتقل منها إلى مطالعتها ومراقبتها، فلا يهملها لئلا ترتع في الخيانة، ومتى أحس بالنقصان بادر إلى محاسبتها وتذكيرها بما شارطها عليه.

فإن أحس بالخسران استدرك منها ما يستدركه الشريك من شريكه، من الرجوع عليه بما مضى، والقيام بالحفظ والمراقبة في المستقبل، ولا مطمع له في فسخ عقد الشركة مع هذا الخائن والاستبدال بغيره فإنه لا بدَّ له منه.

فليجتهد في مراقبته ومحاسبته، وليحذر من إهماله، ويعينه على هذه المراقبة والمحاسبة، معرفته أنه كلما اجتهد فيها اليوم استراح منها غدًا، إذا صار الحساب إلى غيره يوم القيامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>