للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعينه كذلك معرفته أن ربح هذه التجارة سكنى الفردوس، والنظر إلى وجه الرب سبحانه، والفوز برضوانه.

وخسارتها دخول النار والحجاب عن الرب تعالى، والتعرض لسخطه.

فإذا تيقن هذا هان عليه الحساب اليوم وغدًا: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (٣٠)} [آل عمران: ٣٠].

ومحاسبة النفس لها مرحلتان:

الأولى: محاسبتها قبل العمل.

فإذا تحركت النفس لعمل من الأعمال، وهم به العبد، فلينظر هل ذلك العمل مقدور له أم غير مقدور له؟.

فإن لم يكن مقدورًا لم يقدم عليه، وإن كان مقدورًا له، نظر هل فعله خير له من تركه؟ .. أو تركه خير له من فعله؟.

فإن كان الثاني تركه، وإن كان الأول وقف ونظر هل الباعث عليه إرادة وجه الله وثوابه، أو إرادة الجاه والثناء والمال من المخلوق؟.

فإن كان الثاني لم يقدم عليه، وإن أفضى به إلى مطلوبه، لئلا تعتاد النفس الشرك، ويخف عليها العمل لغير الله، فبقدر ما يخف عليها ذلك، يثقل عليها العمل لله تعالى.

وإن كان الأول وقف ونظر هل هو معان عليه، وله أعوان يساعدونه وينصرونه، إذا كان العمل محتاجًا إلى ذلك أم لا؟.

فإن لم يكن له أعوان أمسك عنه كما أمسك النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الجهاد، بمكة حتى صار له شوكة وأنصار في المدينة.

وإن وجد نفسه معانًا فليقدم عليه فإنه منصور.

ولا يفوت النجاح والفوز والفلاح إلا من فوت خصلة من هذه الخصال.

الثانية: محاسبة النفس بعد العمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>